قراءة تحليلية في ورقة البروفيسور جوزيف ماجنيت
“إريتريا في مرحلة انتقالية: دور الشتات وسيناريوهات ما بعد أفورقي”**
إعداد: مركز القرن الإفريقي للسياسات
نوع المادة: تقرير تحليلي (Policy Paper Review)
مقدمة
تتناول ورقة البروفيسور جوزيف إليوت ماجنيت، الصادرة عن كلية القانون بجامعة أوتاوا في نوفمبر 2025، مستقبل إريتريا في مرحلة ما بعد الرئيس أسياس أفورقي. وتقدم الورقة قراءة نقدية لبنية النظام السياسي، وللخيارات المتاحة أمام المعارضة الإريترية والشتات، مع تحليل دقيق لإشكالات دستور 1997 ودوره المحتمل في المرحلة الانتقالية.
تعتمد هذه القراءة التحليلية على عرضٍ أمين لأبرز أطروحات الباحث، وتوضيح دلالاتها السياسية، دون نقلٍ حرفي أو تجاوزٍ لمحتوى المصدر الأصلي.
1. طبيعة النظام السياسي: دولة بلا مؤسسات
يرى ماجنيت أن النظام الإريتري ليس دولة مؤسسية بالمعنى المتعارف عليه، بل بنية سياسية تتمحور حول سلطة فردية مطلقة.
يشير الباحث إلى أن الدولة تعمل وفق منطق السيطرة الأمنية، وغياب الدستور الفاعل، وتغييب البرلمان، وانعدام الصحافة المستقلة. وقد أدى هذا إلى تركيز القرار في يد الرئيس، واستبعاد أي آليات للمساءلة أو المشاركة.
تستند الورقة إلى إطار “السوق السياسي” لفهم كيفية إدارة السلطة، حيث يعتمد النظام على الولاءات العسكرية، وشبكات النفوذ، واستخدام أدوات القسر والإكراه بوصفها عناصر مركزية في الحكم.
ويخلص ماجنيت إلى أن إريتريا، نتيجة هذا الهيكل، أقرب إلى “الدولة الحامية” التي تهيمن عليها الأجهزة العسكرية، وهي بنية غير قابلة للاستمرار على المدى الطويل.
2. انتقال سياسي حتمي… ومخاطر عالية
تعتبر الورقة أن الانتقال السياسي في إريتريا “حتمي” بالنظر إلى عامل الزمن، إذ يقترب الرئيس أفورقي من الثمانين عاماً. غير أن ماجنيت يحذر من أن غياب المؤسسات يجعل هذا الانتقال محفوفاً بمخاطر كبيرة.
ترجّح الورقة أن الصراع داخل المؤسسة العسكرية سيكون العنوان الأبرز للمرحلة الأولى من الفراغ السياسي. فالرئيس اعتمد خلال عقود حكمه سياسة متعمدة لزرع انعدام الثقة بين الوحدات والفصائل الأمنية، ما يجعل احتمالات الخلاف والصراع غير مستبعدة.
ولا تتوقع الورقة ظهور جناح إصلاحي داخل النظام، نظراً للطبيعة المغلقة والصلبة للسلطة. وتشير إلى احتمال أن يؤسس أي طرف منتصر في الصراع – إن وقع – نظاماً سلطوياً جديداً يسعى إلى اكتساب الشرعية الدولية دون تغيير جوهري في بنية الحكم.
3. الشتات الإريتري: موارد كبيرة وفاعلية محدودة
تخصص الورقة مساحة واسعة لتحليل معضلة الشتات، الذي يشكّل نسبة كبيرة من الشعب الإريتري نتيجة عقود من الهجرة والنزوح. وتبرز وجود مجموعتين رئيسيتين:
-
شتات قديم نشأ خلال الكفاح المسلح
-
شتات جديد نما بعد 2001 نتيجة الخدمة الوطنية المفتوحة والانتهاكات
ورغم حجم الشتات وتأثيره المالي عبر التحويلات، يخلص ماجنيت إلى أن دوره السياسي في الداخل محدود للغاية نتيجة الانقسامات العميقة على أسس لغوية وإثنية ودينية، إضافة إلى اختلافات في الرؤى السياسية.
وتشير الورقة إلى أن عدداً من المنظمات الكبرى داخل الشتات، خصوصاً المنتمية للمجتمع التغيني المسيحي، تبدي تردداً في قبول ترتيبات سياسية مرنة تراعي مطالب الأقليات، الأمر الذي يفاقم فجوة الثقة ويُضعف فرص تشكيل جبهة معارضة موحدة.
4. دستور 1997: إشكالات بنيوية واستبعاد محتمل للأقليات
يرى ماجنيت أن الدعوات إلى اعتماد دستور 1997 في مرحلة ما بعد أفورقي يجب أن تُناقش بعمق. فالوثيقة – وفق وصفه – تمثل نموذجاً شديد المركزية، أقرب إلى “هيكل ستاليني”، يفرض سلطة مركزية قوية لا تعكس التنوع الإثني والثقافي في البلاد.
وتحذّر الورقة من أن الدستور، بصيغته الحالية، لا يوفر ضمانات كافية لحقوق الأقليات، خاصة فيما يتعلق بالأرض واللغة والتمثيل السياسي. ويشير الباحث إلى أن فرض الدستور كما هو قد يقود إلى توترات داخلية ويُضعف فرص الاستقرار.
ويقترح ماجنيت تطوير نموذج دستوري جديد يقوم على تقاسم السلطة ويعترف بالتعددية، ويضمن حقوق المكوّنات المختلفة.
5. خارطة الطريق المقترحة للشتات
تقدم الورقة ثلاث توصيات رئيسية:
1. توحيد الصفوف
دمج التنظيمات المتعددة في إطار موحد برؤية مشتركة للمرحلة الانتقالية.
2. استخدام النفوذ الدبلوماسي بحكمة
تشجيع ربط الاعتراف الدولي بأي نظام قادم بخطوات إصلاحية ملموسة.
3. صياغة عقد دستوري جديد
الانتقال من مفهوم “الأمة المتجانسة” إلى نموذج سياسي تعددي.
خاتمة
تقدّم ورقة البروفيسور ماجنيت تحليلاً عميقاً لمرحلة ما بعد أفورقي، وتوضح المخاطر التي يفرضها غياب المؤسسات وتفكك البنية الأمنية، إلى جانب الانقسامات داخل الشتات. وتوفر هذه القراءة التحليلية إطاراً يساعد صناع القرار والباحثين على فهم التحديات البنيوية التي تواجه إريتريا في منعطف تاريخي دقيق.
ملاحظة قانونية
هذا التقرير يعتمد على قراءة تحليلية ونقدية للورقة الأصلية
(Joseph Eliot Magnet, Eritrea in Transition: Role of the Diaspora, Ottawa Faculty of Law Working Paper 2025-18)
ويقع ضمن الاستخدام العادل للأغراض البحثية.
بيانات الورقة الأصلية:
-
العنوان الأصلي: Eritrea in Transition: Role of the Diaspora
-
الكاتب: البروفيسور جوزيف إليوت ماجنيت (Joseph Eliot Magnet) – كلية القانون، جامعة أوتاوا.
-
تاريخ الكتابة: 10 نوفمبر 2025.
-
تاريخ النشر: 17 نوفمبر 2025.
-
المصدر: ورقة عمل كلية القانون بجامعة أوتاوا (Ottawa Faculty of Law Working Paper 2025-18).
Keywords – الكلمات المفتاحية:
إريتريا، أسياس أفورقي، الشتات الإريتري، دستور 1997، الانتقال السياسي في إريتريا، جوزيف ماجنيت، مركز القرن الإفريقي للسياسات، المعارضة الإريترية، الجيش الإريتري، الهجرة الإريترية، القرن الإفريقي، النزاعات في شرق إفريقيا، التحولات السياسية، دراسات إريتريا، أوراق سياسات، Policy Review Eritrea.
رابط مصدر المقال :https://papers.ssrn.com/sol3/papers.cfm?abstract_id=5745002

